أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس عن قراره بفرض "رسوم جمركية متبادلة" على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، في خطوة تُعتبر تصعيدًا جديدًا في الحرب التجارية العالمية التي تشهدها الإدارة الأمريكية مع العديد من الدول.
وأوضح ترامب خلال حديثه مع الصحفيين في البيت الأبيض أن الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بما في ذلك حلفاؤها، "غالبًا ما يكونون أسوأ من الأعداء" على الصعيد التجاري، وفقًا لما نقلته وكالة فرانس برس. وأشار إلى أن العجز التجاري المستمر الذي تواجهه الولايات المتحدة يعود إلى "الرسوم غير العادلة" التي تفرضها الدول الأخرى على المنتجات الأمريكية.
وأضاف ترامب أن الهدف من هذه الخطوة هو تحقيق "بيئة تجارية عادلة مع الجميع"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تسمح باستمرار الوضع الحالي الذي يعتبره غير متكافئ.
رداً على تصريحات ترامب اعلن سيسيليا مالمستروم، مفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي، بأن الاتحاد الأوروبي "مستعد للرد بسرعة وحزم" إذا فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على المنتجات الأوروبية، كما أضافت أن سياسات ترامب "تضر بالاقتصاد العالمي وتزيد من عدم الاستقرار".
وتُظهر تصريحات مالمستروم أن سياسات ترامب التجارية ليست محل ترحيب من قبل الاتحاد الأوروبي، بل تُعتبر تهديدًا للاستقرار الاقتصادي العالمي، وهذا يعكس قلق الاتحاد الأوروبي من أن هذه السياسات قد تؤدي إلى تفاقم التوترات التجارية وتضر بالنمو الاقتصادي العالمي.
وفي هذا السياق، أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وحلفائها قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مع تأثيرات سلبية على الأسواق المالية وسلاسل التوريد الدولية، كما حذرت مؤسسات اقتصادية بارزة، مثل صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، من أن تصاعد النزاعات التجارية قد يضر بالتجارة الحرة ويؤثر على الاقتصاديات الناشئة بشكل خاص.
من جهتها، أعلنت الصين، التي تعد أحد أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، أنها تراقب عن كثب تطورات السياسة التجارية الأمريكية، مشددة على أنها لن تتردد في اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية مصالحها الاقتصادية، وفي بيان صادر عن وزارة التجارة الصينية، أكدت بكين أن "التدابير الحمائية الأمريكية لا تتوافق مع قواعد التجارة الدولية، وستقابلها إجراءات مماثلة من جانب الصين".
أما في الأسواق المالية، فقد شهدت البورصات العالمية تذبذبًا ملحوظًا عقب تصريحات ترامب، حيث انخفضت مؤشرات الأسهم الأمريكية والأوروبية وسط مخاوف من اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد قد تؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين. كما شهدت أسعار السلع الأساسية، مثل النفط والذهب، تقلبات حادة نتيجة حالة عدم اليقين التي تسيطر على الأسواق.
وفي الوقت الذي يصر فيه ترامب على أن سياساته تهدف إلى تحقيق العدالة التجارية وتعزيز الاقتصاد الأمريكي، يرى منتقدوه أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى نتائج عكسية، من خلال ارتفاع تكاليف الاستيراد على الشركات الأمريكية وزيادة الضغوط على المستهلكين.
ومع استمرار التجاذبات بين واشنطن وشركائها التجاريين، يبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى يمكن أن تستمر هذه الحرب التجارية دون أن تترك تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي؟ هذا ما ستكشفه التطورات القادمة في المشهد الاقتصادي الدولي.
وقد بدأت بعض الدول الأوروبية في البحث عن حلول بديلة لتعزيز التجارة الحرة بعيدًا عن الولايات المتحدة، حيث تجري مناقشات مع دول آسيوية وأمريكا اللاتينية لعقد اتفاقيات تجارية جديدة من شأنها تقليل الاعتماد على السوق الأمريكي. كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن نيته تعزيز العلاقات التجارية مع دول مثل اليابان وكندا لتوسيع خياراته التجارية.
وتسعى الشركات الأمريكية المتضررة من هذه السياسات إلى الضغط على الكونغرس من أجل إعادة النظر في قرارات ترامب، محذرة من أن استمرار فرض الرسوم الجمركية قد يؤدي إلى فقدان الوظائف وتراجع القدرة التنافسية للمنتجات الأمريكية في الأسواق العالمية.
وسوم
تقارير وتحليلات