تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستمر الطلب العالمي على الفحم في تسجيل مستويات قياسية جديدة سنوياً حتى عام 2027 على الأقل، في تعديل لتقديراتها السابقة التي أشارت إلى أن الفحم قد بلغ ذروته في عام 2022، هذه الزيادة تمثل تحولاً ملحوظاً عن التوجهات المتوقعة سابقاً، مما يثير تساؤلات حول قدرة العالم على تحقيق أهدافه المناخية، وفقاً للتقديرات الجديدة، سيصل الطلب على الفحم إلى حوالي 8.Nine مليون طن بحلول عام 2027، ما يمثل ارتفاعاً بنسبة 1% مقارنة بمستويات 2024.
يأتي هذا الارتفاع في وقت يُفترض أن يشهد استهلاك الفحم انخفاضاً حاداً هذا العقد لتحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2050 الهدف المنشود هو الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، ومع ذلك، فإن التقدم الفعلي يظهر أن الطلب على الفحم لم ينخفض كما كان مأمولاً، بل تجاوز التوقعات في السنوات الماضية، مما يعكس إخفاقات في الجهود المناخية الجماعية على المستوى العالمي.
رغم التوسع السريع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل توربينات الرياح وألواح الطاقة الشمسية، فإن هذا النمو لم يكن كافياً لتعويض الزيادة المستمرة في استهلاك الفحم، يشير ذلك إلى تحديات هيكلية عميقة تواجه التحول نحو طاقة نظيفة، حيث يعتمد العديد من الاقتصادات الكبرى والناشئة بشكل كبير على الفحم لتلبية احتياجاتها من الطاقة.
لعبت التغيرات الجيوسياسية، مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على سوق الطاقة العالمية، لعبت دوراً محورياً في تعزيز الاعتماد على الفحم كبديل مؤقت للطاقة، كما ساهمت اضطرابات سلسلة التوريد وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في تعزيز الطلب على هذا المصدر الأحفوري المسبب الأكبر لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
في ظل هذه المعطيات، يبدو أن تحقيق التوازن بين احتياجات الطاقة والالتزامات المناخية سيظل تحدياً معقداً في السنوات المقبلة، استمرار الاعتماد على الفحم يعكس فجوة بين الطموحات العالمية والعمل الفعلي، مما يتطلب تعزيز الاستثمارات في الطاقة النظيفة وتسريع الابتكار في تقنيات احتجاز الكربون للحد من تأثيرات هذا الاتجاه
بالإضافة إلى ذلك، يعكس استمرار الاعتماد على الفحم تحديات اقتصادية وسياسية عميقة. على الرغم من ارتفاع أسعار الطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة، لا يزال الفحم يعد الخيار الأكثر تكلفة في بعض البلدان النامية التي لا تستطيع تحمل استثمارات ضخمة في تقنيات الطاقة البديلة، في هذا السياق، يصبح من الواضح أن التحديات الاقتصادية، مثل ضعف البنية التحتية وارتفاع تكلفة التحول إلى مصادر طاقة أكثر استدامة، تساهم في استمرار الطلب على الفحم.
إن السياسات البيئية والاقتصادية الحالية لا تكفي لتحقيق التحول السريع إلى الطاقة النظيفة في العديد من المناطق، ففي بعض البلدان، لا يزال الفحم يشكل حجر الزاوية في توليد الكهرباء والصناعات الثقيلة، وفي الوقت نفسه، يتطلب تحقيق أهداف خفض الانبعاثات التزاماً أكبر من الحكومات، بالإضافة إلى تشجيع التحولات الهيكلية في الصناعة والاستهلاك على مستوى عالمي، ومن هنا، يصبح من الضروري تكثيف الجهود لتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة مثل احتجاز الكربون وتخزينه، وتحفيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة عبر حوافز مالية وضرائب الكربون.
الواقع الحالي يشير إلى أن العالم ما يزال بعيداً عن تحقيق هدف خفض الانبعاثات بما يتماشى مع اتفاقية باريس، وأن استمرار ارتفاع الطلب على الفحم قد يهدد قدرة البشرية على تجنب أسوأ آثار تغير المناخ، في هذا السياق، يتعين على المجتمع الدولي توحيد الجهود لمواجهة هذا التحدي العالمي من خلال سياسات أكثر مرونة وإجراءات عاجلة لدعم التحول إلى الطاقة النظيفة، بما في ذلك فرض ضوابط صارمة على انبعاثات الكربون ودعم الدول التي تواجه صعوبات في تنفيذ تلك التحولات.
وسوم
الطاقة